أخبارالصحة والحياةمحلية

“أنباء وادان” تفتح ملف الصحة في المدينة: مطالب مشروعة… ومعاناة مستمرة

وفاء منا لما تعهدنا به لقرائنا من أبناء وادان، فإننا في أنباء وادان نواصل نقل معاناتهم وتسليط الضوء على قضاياهم اليومية، وفق الأولويات التي يحددونها هم، لا نحن. وبعد أن فتحنا في وقت سابق ملف ضعف شبكة الاتصالات، نأتي اليوم إلى قضية أكثر إلحاحا، لأنها تمس جوهر الحياة، وتلامس يوميا معاناة المرضى وأسرهم: واقع الخدمات الصحية في مدينة وادان.

في هذه المدينة العريقة، التي كانت ذات يوم منارة علم ومركز إشعاع حضاري، وفي زمن أصبحت فيه الرعاية الصحية حقا أصيلا من حقوق الإنسان، لا يزال سكان وادان يواجهون واقعا صحيا هشا، لا يرقى إلى الحد الأدنى من تطلعاتهم ولا يتناسب مع مكانة مدينتهم.

يثمن الأهالي جهود الطاقم الصحي الموجود، ويقدرون ما توفره الدولة حتى الآن من حد أدنى من الرعاية. ولكنهم في الوقت نفسه، يجمعون على أن وادان تستحق أكثر من ذلك بكثير. فليس من المقبول – بأي مقياس – أن تظل المدينة بلا طبيب مختص، وبلا جراح، وبلا غرفة عمليات قادرة على التدخل في الحالات الطارئة، في وقت تتكرر فيه حوادث الطرق، وتكثر فيه أمراض تحتاج لتدخل عاجل.

واقع الحال أن كل مريض يواجه أزمة صحية حرجة، سواء كانت إصابة ناتجة عن حادث سير أو أزمة قلبية أو حالة جراحية معقدة، ينقل على وجه السرعة إلى مدينة أطار أو إلى العاصمة نواكشوط. والرحلة في حد ذاتها محفوفة بالخطر، في ظل وعورة الطريق وطوله، وغياب سيارات إسعاف مجهزة، وهو ما يضاعف من معاناة المرضى ويعرض حياتهم للخطر.

وقد عبر عدد من شباب المدينة عن استيائهم من هذا الواقع، مطالبين الدولة بأن تعامل وادان بما تستحقه كمدينة تاريخية ذات رمزية وطنية، تستقبل الزوار من مختلف أنحاء العالم على مدار العام، وتعد أحد أعمدة الذاكرة الثقافية لموريتانيا. ويرى هؤلاء الشباب أن من واجب الدولة – في ظل تطور وسائل النقل والإسعاف – أن توفر طائرة إسعاف مجهزة بشكل دائم لمدينة وادان، تخصص لنقل الحالات الحرجة، وتكون في رحلة العودة وسيلة لإيصال الأدوية، والوثائق الإدارية، وكل ما تحتاجه المدينة من تجهيزات ووسائل دعم للمؤسسات المحلية.

إن ما يطالب به سكان وادان ليس ترفا ولا امتيازا، بل هو حق طبيعي لأي مواطن يعيش في هذا البلد، خصوصا إذا كان ينتمي إلى مدينة ساهمت عبر القرون في بناء الهوية الوطنية والحضارية لموريتانيا.

لقد آن الأوان لتخرج وزارة الصحة عن دائرة الوعود والخطط المؤجلة، وتضع وادان ضمن أولوياتها، من خلال توفير منشأة صحية متكاملة، تضم طبيبا مختصا وجراحا مقيما، إلى جانب سيارة إسعاف حديثة، ووسائل إسعاف جوية عند الحاجة.

نداؤنا هذا لا يعبر فقط عن صوت المرضى وذويهم، بل هو صرخة ضمير من كل من يرى في وادان إرثا يجب الحفاظ عليه، ومدينة تستحق أن تعيش كما يليق بها… لا كما يفرض عليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى