أخبارمحليةهموم الناس

لن ننسى… لن نسامح… لن نغفر

أي قلب هذا الذي لا يرتجف من هول المشهد؟
أي يد تلك التي ضغطت على زر الموت دون أن ترتعش؟
أي عقل هذا الذي انسلخ من كل ذرة إنسانية، ليقتل بدم بارد شهيد لقمة العيش، الكريم، الأصيل، حمتي؟

لقد اغتيل حمتي كما يغتال الشرف في وضح النهار، على يد آلة غادرة لا تعرف الرحمة، وكأن من يدير آلة القتل هذه صهيونيا ملأ الحقد قلبه، فلا دين يردعه، ولا ضمير يوقظه.
يد ضغطت على زر الموت، لا لتقتل مقاتلا، بل لتغتال إنسانا أعزل، كان يمكن لأي تقنية متقدمة أن تميز براءته، لكنها لم تكن تبحث عن الحقيقة، بل عن الدم.
رآه عبر عدسة الموت، وحدق فيه مليا، رأى سيارته الموريتانية، وموقعه الموريتاني، وملامح إنسانية لا تخطئها عين،
ومع ذلك… ضغط الزر.
قتله كما تقتل الفراشات تحت جنازير الوحوش.

وكأن المشهد نفسه يتكرر كما نراه كل يوم في غزة، في نابلس، في جنين، في الخليل…
قتل بدم بارد، لأعزل، ولأب، ولطفل، ولأم.
القاتل نفسه، والنفس الحاقدة ذاتها، واليد التي تعشق سفك الدم الفلسطيني هي ذاتها التي امتدت لتغتال حمتي، ابن موريتانيا البسيط الكريم.
هي العقلية الصهيونية ذاتها التي لا تفرق بين عربي وعربي، ولا بين مسلم ومسلم، تقتل بدافع الحقد، لا بدافع الحرب.

أيها القاتل:
ربما نسيت، أو تجاهلت، أن هذا الدم ليس ماء، وأن هذه الروح ليست رقما في شاشة.
نسيت أن وراء “حمتي” وطنا اسمه موريتانيا،
وأما ستبكيه حتى الرمق الأخير،
وأطفالا كانوا ينتظرونه على عتبة بيت بسيط،
وأرضا تعرفه، تعرف خطاه، وتحن إلى صوته.

لن ننسى… لن نسامح… لن نغفر،
فالقلوب التي انكسرت يوم رحيله لن ترمم،
والأعين التي ذرفت عليه لن تجف،
والذكريات التي تركها لن تمحى،
والوصمة التي خلفها دمه ستظل لعنة تطارد قاتله وداعميه إلى الأبد.

ومن يهن يسهل الهوان عليه*ما لجرح بميت إيلام

لكننا لسنا أمواتا يا حمتي،
نحن أحياء بك، بدمك، بصبرك، بكرامتك.
لقد جعلت من موتك حياة، ومن استشهادك صحوة، ومن دمك سطرا جديدا في كتاب المظلومين.

نقولها من أعماق قلوبنا:
لن ننسى… لن نسامح… لن نغفر،
فهذا الدم الطاهر، دمك، لن يضيع سدى،
وهذه الجريمة لن تندثر بالصمت والنسيان،
ستظل جرحا مفتوحا في ضمير الإنسانية، وصفعة على وجه كل من يبرر أو يصمت أو يهادن.

سيذكرك التاريخ يا حمتي لا كضحية، بل كشاهد على وحشية لا حدود لها، وعلى زمن يقتل فيه الأبرياء بصمت العالم، ورضا بعض الجيران.

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته*وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

تمرد القاتل، وتمادى، فقتل، وانسلخ من كل عهد وجوار وقيمة.
فليعلم أن دمك ليس بلا ثمن،
وأنك حي فينا،
وفي كل حر لا يقبل الظلم، ولا يساوم على الكرامة.

وداعا يا حمتي، أيها الطيب النبيل،
دمك لعنة على القتلة،
وشعلة في طريقنا نحو الحقيقة والعدالة.

ع.م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى