تستعد مدينة وادان التاريخية، إحدى أعرق مدن الشمال الموريتاني، لاستقبال موسم سياحي يتوقع أن يكون واعدا، في ظل مؤشرات محلية قوية تدل على عودة الزخم السياحي إليها بعد سنوات من الركود النسبي. وتأتي هذه الاستعدادات رغم عدم صدور إعلان رسمي حتى الآن من وزارة التجارة والصناعة والسياحة حول تاريخ انطلاق الموسم السياحي لهذا العام.
وقد شهدت المدينة، الواقعة في ولاية آدرار، خلال الأسابيع الماضية، سلسلة من التحركات الأهلية والمبادرات المجتمعية التي تُظهر حيوية السكان وتطلعهم إلى إعادة بعث الروح الثقافية والسياحية في المدينة. وتشمل هذه الجهود أعمال ترميم لمكتباتها القديمة، التي تحتوي على مخطوطات نادرة تعود لقرون مضت، فضلًا عن تجهيز بعض الدور القديمة لتكون مرافق استقبال للزوار.
كما بادر عدد من الشباب المحليين إلى تشكيل فرق تطوعية تعمل على تنظيم جولات تعريفية داخل المدينة القديمة، تشمل زيارة القلاع والأسوار التاريخية، والأسواق التقليدية، والمساجد العتيقة التي تعد من أبرز معالم العمارة الصحراوية الإسلامية. وتاتي هذه الجولات ضمن برامج سياحية تستهدف الزوار المحليين والأجانب، مع التركيز على السياحة الثقافية والبيئية التي تتناغم مع طبيعة المدينة الصحراوية وهوائها النقي.
في هذا السياق، أشار عدد من الفاعلين المحليين إلى أن وادان بحاجة إلى دعم حكومي واضح يتجلى في تحسين البنية التحتية السياحية، خاصة فيما يتعلق بالطرقات، والمياه، وخدمات الإيواء والنقل، ما من شأنه أن يعزز من موقع المدينة كمقصد ثقافي وسياحي رئيسي في موريتانيا.
وتتزامن هذه التحركات مع اهتمام متزايد من الباحثين والمؤرخين ووسائل الإعلام بتسليط الضوء على التراث اللامادي لمدينة وادان، التي تم تصنيفها سابقا ضمن قائمة التراث العالمي الإسلامي من قبل منظمة الإيسيسكو، كما تعد وادان من المحطات الأساسية ضمن “طريق القوافل” الذي كان يربط شمال إفريقيا بغربها.
ويأمل سكان المدينة أن يكون الموسم المقبل فرصة حقيقية لإعادة دمج وادان في الخارطة السياحية الوطنية والدولية، بما ينعكس إيجابًدا على الاقتصاد المحلي، ويعزز من فرص التشغيل في صفوف الشباب، إلى جانب إحياء الذاكرة الجماعية للمدينة التي كانت في يوم من الأيام منارات علمية ومراكز حضارية كبرى في الصحراء الكبرى.
ودان إنفو
