وادان وشنقيط في الذاكرة.. تراث شفهي مهدد ينتظر الاعتراف الدولي

تتجدد في الأوساط الثقافية والأكاديمية دعوات ملحة لإحياء مشروع ترشيح التراث الشفهي لواحات آدرار، وخاصة في مدينتي وادان وشنقيط، إلى قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، وسط قلق متزايد من ضياع هذا التراث الفريد في ظل غياب تحرك رسمي فعّال خلال السنوات الأخيرة.
ويشمل هذا التراث الشفهي الغني أنماطا متعددة من التعبير الإنساني، أبرزها الحكايات والأساطير الشعبية، وأشعار الرحل، والمدائح النبوية، والأمثال المحلية، والسير التاريخية المتداولة شفويا، والتي تعكس عمق المخيال الجمعي لسكان الصحراء، وتجسد تقاليد التواصل والنقل الثقافي التي استمرت قرونا دون تدوين منهجي.
وقد أطلقت شخصيات ثقافية ومحلية وفاعلون في المجتمع المدني نداءات لإعادة فتح هذا الملف لدى الجهات الحكومية المختصة، وخاصة وزارة الثقافة، بالتعاون مع اللجنة الوطنية لليونسكو، وذلك لتقديم ملف متكامل يعزز من حضور موريتانيا على الخارطة العالمية للتراث اللامادي.
ويرى المهتمون أن التأخير في ترشيح هذا التراث قد يفقد البلاد فرصة ثمينة في تثبيت هويتها الثقافية المتنوعة دوليا، خصوصا أن مدن آدرار التاريخية تمتلك رصيدا رمزيا وروحيا كبيرا، وتعد من آخر الحواضر الصحراوية التي حافظت على نسق عيش تقليدي قائم على رواية الشفاه وتوارث القصص عبر الأجيال.
وقد نبه مختصون في مجال الأنثروبولوجيا والتراث إلى أن هذا النوع من التراث مهدد بالاندثار التدريجي، بفعل العوامل الحديثة مثل الهجرة إلى المدن، وتراجع استخدام اللغة الفصحى والمحلية في الحياة اليومية، إضافة إلى عزوف الجيل الجديد عن حفظ الموروث الشفهي نتيجة تغير أساليب الحياة وتطور وسائل الترفيه الرقمي.
وتقترح المبادرات الشعبية الحالية تشكيل لجان توثيق محلية لجمع وتسجيل هذا التراث ميدانيا، سواء من خلال تسجيلات صوتية لكبار السن والرواة التقليديين، أو بجمع النصوص المحكية في أرشيف رقمي وورقي، تمهيدا لتقديمه كجزء من ملف وطني متكامل إلى منظمة اليونسكو.
يذكر أن موريتانيا سبق أن سجلت عددا من عناصر تراثها غير المادي لدى اليونسكو، من أبرزها مدونة المحظرة التقليدية، وسباق الهجن، وموسم شنقيط الثقافي، إلا أن التراث الشفهي في وادان وشنقيط ما زال ينتظر دورا رسميا جادا لإنقاذه من التلاشي، وإدراجه في قائمة التراث العالمي، أسوة بتراث مماثل في دول عربية وإفريقية أخرى.
ودان إنفو




