سائقو الشركة الموريتانية لتوزيع الأسماك يصرخون: لا نطلب سوى عقد عمل يحفظ كرامتنا بعد سنين من التضحية

نحن مجموعة من قرابة ثلاثين سائقا في الشركة الموريتانية لتوزيع الأسماك، نرفع اليوم صوتنا من قلب المعاناة، من صبر طال حتى أصبح وجعا مزمنا، من سنين طويلة خدمنا فيها هذه المؤسسة بكل إخلاص وتفان، دون أن نحظى بأبسط حقوقنا كعمال دائمين. لسنا غرباء على هذه الشركة، نحن من حملها على أكتافه منذ بداياتها، نحن من شق الطرق الوعرة، من تحدى الرمال والعواصف، من عبر الليالي والمسافات حتى تصل هذه الشركة إلى القرى والمناطق النائية، حتى أصبحت حاضرة في كل بيت، وكل نشرة، وكل حديث عن الوصول إلى المواطن البسيط.
لكن ماذا عنا نحن؟ الذين كنا خلف المقود نوزع السمك ونوزع العمر والتعب في صمت؟ ماذا جنينا بعد هذه السنوات؟ لا عقد عمل دائم، لا ضمان اجتماعي، لا تأمين صحي، لا حماية في حال الحوادث أو المرض أو حتى التقاعد. نحن الذين نحمل الأسماك إلى الناس، لا نجد من يحمل عنا هذا العبء الثقيل من الظلم والتجاهل.
كلما جاء مدير جديد، اجتمع بنا وقال إن أوضاعكم قيد الدراسة، إن الترسيم قادم، إن حقوقكم محفوظة. ثم يرحل وتبقى الوعود معلقة في الهواء، وتبقى الأوجاع على حالها. مدير بعد مدير، وعام بعد عام، والحال هو الحال. الوعود تتكرر، والخذلان يتكرر، ولا شيء يتغير.
نعيش ظروفا قاسية، لا يمكن أن توصف إلا بالجحود. منا من يعمل منذ أكثر من عشر سنوات دون أن يسجل اسمه في صندوق الضمان الاجتماعي. منا من يعيل عائلة مكونة من سبعة أو ثمانية أفراد، ويعمل بلا عقد، وبلا تأمين، وبلا أمل واضح في الغد. منا من فقد أحد أفراد أسرته لعدم القدرة على تغطية تكاليف العلاج. منا من طرد أطفاله من المدارس بسبب العجز عن تسديد رسوم بسيطة. وكل ذلك لأننا نعامل كما لو أننا عمال مؤقتون، رغم أننا في الحقيقة أساس من أسس هذه المؤسسة.
لقد توسعت الشركة وحققت نجاحات يشاد بها، لكنها نسيت من كان سببا في هذا النجاح، نسيت من تنقل ليلا ونهارا، من قاد الشاحنات في الأرياف والمدن، من تحدى الحدود الطبيعية والجغرافية. نجاحها بني على ظهورنا، ونحن لا نطلب مقابلا أكثر من الحد الأدنى من الحقوق، الحد الذي يكفل لنا كرامتنا كبشر وكآباء وأمهات وأبناء لهذا الوطن.
لقد أنصف فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني عمال صونلك، حين استمع إليهم وأمر بترسيمهم. ونحن اليوم لا نطلب أكثر من أن نعامل بالعدل نفسه، بالإنصاف نفسه، بالرحمة التي هي عنوان قيادته لهذا البلد. نعلم أنه حين تصل قضيتنا إليه فلن يتجاهلها، لأنه رجل دولة يعرف قيمة العمل وقيمة العامل.
ونحن نناشد كذلك معالي الوزير الأول السيد المختار ولد اجاي، الذي خبر المؤسسات وخبر حال الموظفين، أن يلتفت إلينا نظرة من يسمع ويرى. كما نناشد وزير الصيد والاقتصاد البحري السيد الفضيل ولد سيداتي ولد أحمد لولي أن ينظر بعين الميدان إلى وضعيتنا، فنحن لسنا مجرد أرقام في جدول، نحن آباء وأبناء نعيش على أمل الإنصاف.
لسنا نطالب بامتيازات ولا مكاسب خيالية، نطلب فقط حقنا في الاستقرار، في العيش الكريم، في الحماية القانونية. نطلب عقد عمل دائم يحفظ لنا ماء الوجه أمام أسرنا، وأمام الوطن الذي خدمناه بصمت.
إذا لم يكن هذا هو وقت الترسيم، فمتى؟ وإذا لم نجد من يسمع في هذا العهد الذي يرفع شعار العدالة الاجتماعية، فمتى ننصف؟ وإذا بقيت أبواب الإدارات مغلقة في وجوهنا، فليس لنا بعد الله إلا الرئيس والوزير الأول ووزير الصيد.
نحن أصحاب حق، وسنظل نطالب به إلى أن يتحقق، وسنظل نثق أن هناك من لا يزال يؤمن أن العامل البسيط هو من ينهض بالأمم.
المتحدث باسم السائقين
مراد ولد أحمد
تلفون: 22635253




