حينما تخبرنا الحياة أننا مجرد عابرين… صورة سيلفي قبل الرحيل

قال تعالى”وما تدري نفس ماذا تكسب غدا، وما تدري نفس بأي أرض تموت.”
هكذا هي الدنيا، رحلة مجهولة، لا ضمانات ولا وعود مؤكدة. فها هو براتيك جوشي، الرجل الذي قضى سنوات يعمل ويخطط ويحلم بيوم اللقاء، لحظة جمع العائلة تحت سقف واحد، في وطن آخر من أجل مستقبل أفضل. كان كل شيء جاهزا: البيت، المدارس، الفيزا، تذاكر الطائرة.
ثم جاء ذلك الصباح الذي بدا كأنه بداية جديدة، حيث استقلوا جميعا رحلة الخطوط الجوية الهندية رقم 171، المتوجهة إلى لندن. لحظات من الفرح تغمرهم، شعور بالإنجاز والتطلع لمستقبل كانوا قد رسموه بدقة، يوم انتظروه طويلا، يوم كان يمثل بداية حياة جديدة. داخل الطائرة، التقطت العائلة صورة سيلفي أخيرة، دقائق قبل وقوع الكارثة، وجوههم مشرقة بالسعادة، عيونهم تشع بالأمل، لحظة حب وفرح خلدتها الصورة. أرسلوها لأهلهم وأصدقائهم، وكأنهم يوثقون بداية فصل جديد في حياتهم. كانت الصورة تعكس التفاؤل، الاستعداد لمواجهة الغد، لكنها كانت أيضا الصورة الأخيرة، الصورة التي ستبقى شاهدا على أحلام لم تكتمل، وابتسامات لم تعش أكثر من لحظات قليلة.
تحطمت الطائرة، وتحطمت معها كل شيء: الأحلام، التضحيات، المستقبل الذي بنوه بعناية، والأمل الذي حملوه معهم. كم من الأمنيات لم تتحقق؟ كم من الكلمات كان يجب أن تقال ولم تقل؟ كم من الخطط كانت مجرد أفكار على ورق سرعان ما تلاشت مع اختفاء تلك الطائرة عن السماء؟
تذكرنا هذه القصة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل.
وكان ابن عمر رضي الله عنه يقول: إذا أمسيت، فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت، فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.
هذه الصورة السيلفي ليست مجرد لقطة، بل هي درس قاس عن سرعة الحياة وهشاشتها. قد تكون لحظة الفرح الآن هي الأخيرة، قد يكون اللقاء الأخير دون أن نعلم. فلنعش كل لحظة بصدق، ولنعبر عن مشاعرنا دون تأجيل، فالمستقبل ليس وعدا، بل مجرد احتمال.
قد يظن الإنسان أن لديه متسعا من الوقت، ولكن الوقت ليس ملكا لأحد. لا تؤجل السعادة، لا تنتظر الوقت المثالي، فاللحظة الوحيدة التي نملكها حقا هي الآن.
ودان إنفو





