آل شيبة.. ورثة مفتاح الكعبة إلى قيام الساعة

سدانة الكعبة المشرفة وآل شيبة ..
يروي عثمان بن طلحة موقفا حدث له مع النبي عليه اطيب الصلاة والسلام في الجاهلية حيث يقول : أقبل رسول الله عليه اطيب الصلاة والسلام يوما يريد أن يدخل الكعبة مع الناس فأغلظت له ونلت منه فحلم عني ثم قال : ياعثمان لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت فقلت : لقد هلكت قريش يومئذ وذلت فقال : بل عمرت وعزت يومئذ وبعد ثماني سنوات من هجرته للمدينة المنورة عاد الرسول عليه اطيب الصلاة والسلام إلى مكة من جديد لكن هذه المرة فاتحا ومتوجا بنصر عميم حينها استدعي له عثمان بن طلحة فطلب منه النبي عليه اطيب الصلاة والسلام مفتاح الكعبة فدفعه له ففتح النبي عليه اطيب الصلاة والسلام الكعبة المشرفة وكسر الأصنام وأزال الصور وغسل الجدران بماء زمزم ثم صلى بها ركعتين حينها وفي هذه اللحظة نزلت عليه الآية الوحيدة التي تنزلت عليه داخل الكعبة وهي قوله تعالى من سورة النساء المدنية : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا .. فخرج النبي عليه اطيب الصلاة والسلام من الكعبة يردد هذه الآية حينها أراد علي بن ابى طالب رضي الله عنه أن يكون له مفتاح الكعبة والسقاية لكن النبي عليه اطيب الصلاة والسلام رفض ذلك وقال : اليوم يوم بر ووفاء .. ثم نادى على عثمان بن طلحة رضي الله عنه فقال له هاك مفتاحك ياعثمان اليوم يوم بر ووفاء إني لم أدفعه إليكم ولكن الله دفعه .. وأكمل النبى عليه اطيب الصلاة والسلام قائلا : خذوها أي السدانة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم .. وحين ولي عثمان ذاهبا ناداه النبي عليه اطيب الصلاة والسلام وقال له : ألم يكن الذي قلت لك ؟ فتذكر عثمان قول النبي عليه اطيب الصلاة والسلام له قبل الهجرة : لعلك سترى هذا المفتاح بيدي أضعه حيث شئت .. فقال عثمان : بلى أشهد أنك رسول الله .. وسدانة الكعبة المشرفة هي خدمتها والقيام بشئونها وفتح بابها وإغلاقه ويعرف الذين يقومون بذلك بالسدنة وللسدانة مصطلحات أخرى تعرف به مثل الحجابة ومن يقوم بها يسمون بالحجبة ذلك أنهم يحجبون الكعبة عن العامة وينظمون أمر توافدهم إليها كما تعرف السدانة كذلك بالخزانة وسيدنا إسماعيل عليه السلام كان أول سادن للكعبة وذلك بعدما رفع قواعدها مع أبيه إبراهيم عليهما السلام حيث استمر النبي إسماعيل عليه السلام في القيام على سدانة الكعبة وخدمتها قبل أن يخلفه في ذلك أبناءه وذريته لكن السدانة اغتصبت مع مرور الزمن من قبل آل جرهم ومن بعدهم خزاعة قبل أن يستعيدها قصي بن كلاب وقصي بن كلاب هو الجد الرابع للنبي عليه اطيب الصلاة والسلام وهو بالطبع من نسل إسماعيل، وبهذا الاسترداد عادت السدانة إلى ذرية إسماعيل وبقيت فيهم على طول الزمن وصولا إلى فتح مكة حيث كان السادن حينذاك كما مر هو عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد الله بن عبد العزى بن عثمان ابن عبد الدار بن قصي بن كلاب وفي عام 41 من الهجرة مات عثمان بن طلحة ولم يكن له أبناء، لذلك انتقلت السدانة إلى ابن عمه شيبة بن عثمان ولا تزال في يد ولده إلى اليوم ومنذ قصي بن كلاب بن مرة تولى سدانة الكعبة 109 أشخاص جميعهم من آل شيبة آخرهم هو السادن الشيخ الدكتور صالح الشيبي الذي توفي مؤخرا رحمه الله وغفر له وجعل الفردوس الاعلى مثواه وعمل الشيخ الراحل صالح الشيبي أستاذا جامعيا لعدة سنوات فهو حاصل على شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية من جامعة أم القرى وقد نصب كبيرا لسدنة بيت الله الحرام منذ عام 1980 حيث برزت جهوده في صيانة الكعبة وخدمتها فقام بتنظيفها وغسلها بنفسه أكثر من 100 مرة وبالإضافة لغسل الكعبة يضطلع السدنة بمهام أخرى أبرزها فتح الكعبة للزوار واستقبال الكسوة وتخزينها في أقبية خاصة داخل الحرم المكي قبل الإشراف على تلبيسها للكعبة وحتى اليوم تعد الكسوة حقا أصيلا لهم حتى أن المملكة تعوضهم بمقابل مالي عنها، فيما تهدي الثوب لكبار ضيوفها ويتجاوز عدد أفراد أسرة الشيبي 400 فرد أغلبهم يعيش في مكة حيث يحظون باحترام وتقدير شديد من الجميع كما أن التاريخ يخلد ذكرهم فما من رحالة قديما أو حديثا زار مكة إلا وجاء على ذكرهم وكيف لا وقد عهد إليهم النبي عليه اطيب الصلاة والسلام بمفتاح الكعبة وخدمتها حتى قيام الساعة ومع وفاة السادن الأكبر للكعبة المشرفة فهناك بعض الإجراءات الثابتة حيث سيعطى هذا المنصب لأكبر آل شيبة سنا وبعد اختيار السادن الجديد ستقام مراسم رمزية في اليوم الثالث بعد الوفاة يُسلم فيها السادن الجديد مفتاح الكعبة ويعهد له بالقيام بأمر السدانة تبعا لعهد رسول الله عليه اطيب الصلاة والسلام لأسرته ..




