تاريخ وادانمحليةمقال

مشروع مدينة كلب الريشات.. صرخة أمل في صحراء موريتانيا

في زمن تختلط فيه الأحلام بالسراب، ويغرق فيه الحاضر في ضباب التردد والجمود، يطل علينا من بين رمال ودان رجل استثنائي لا يعرف المستحيل. رجل يرى في الأرض التي يسير عليها ليست مجرد تراب، بل كنز لا يقدر بثمن، وعينا تتوهج حياة وعلما. هذا هو السيد محمد محمود ولد أميه، العمدة السابق الذي خط برؤية لا تلين مشروعا يكتب فيه التاريخ من جديد، ويزرع الأمل في صحراء قاحلة، ويشيد مدينة الريشات كرمز للإبداع والنهضة.

في قلب الصحراء الموريتانية، حيث ترقد عين الصحراء – كلب الريشات كجوهرة جيولوجية فريدة، لم يكن العمدة السابق لمدينة ودان، السيد محمد محمود ولد أميه، مجرد مسؤول إداري عابر، بل كان صاحب رؤية تتجاوز حدود الحاضر، وتخترق حجب الزمن نحو مستقبل يليق بعظمة المكان وأصالة الإنسان.

لقد حلم بولادة مدينة قرب كلب الريشات، ليست مدينة إسمنتية صماء، بل مشروع حضاري متكامل يضم أحياء سكنية حديثة تليق بأبناء ودان وزوارها، ومسجد جامع يعكس روح الأصالة والإيمان، وشبكة طرق تربط كل أجزائها ببعضها وبالعالم الخارجي، ومنتزهات خضراء وسط الرمال لتكون واحة للحياة، ومركز صحي مجهز لخدمة السكان والوافدين، ومحطة بنزين تلبي حاجات التنقل والرحلات، وفندق عصري من عدة طوابق يستقبل الباحثين والسياح، ومختبرات علمية لمراكز الأبحاث والدراسات الجيولوجية والفلكية، ومطار صغير يربط المنطقة بالعواصم والمراكز العلمية، وميدانا لهواة الطيران الشراعي لاستكشاف عين الصحراء من السماء.

هذه ليست أحلاما طائشة، بل رؤية لا تخرج إلا من عقل يعرف ما يفعل وما يريد، من قلب ينبض بهم أهله ومدينته، من رجل يدرك قيمة الأرض التي يقف عليها، ويعي أن كلب الريشات ليست مجرد تضاريس، بل كنز علمي وسياحي عالمي.

والعجيب – بل المثير للأسى – أن هذه الرؤية توقفت فقط بسبب غياب التمويل، ومع ذلك يخرج اليوم من ينتقدها بجهل، معتقدا أن مجرد وجود تصميم يعني أن المشروع قد صار واقعا! هؤلاء لم يقرأوا في قاموس التنمية ولا في لغة المشاريع، ولا يعرفون أن الأفكار العظيمة تمر أولا من الورق قبل أن تتحول إلى حجارة وحديد.

إن انتقاد رجل مثل ولد أميه، الذي تتحدث إنجازاته بنفسها، وعلى رأسها المبنى الحديث لبلدية ودان، يجب أن يكون مبنيا على معرفة وموضوعية، وإلا كان صاحبه محل استغراب، لأن الساكنة تعرفه وتعرف تاريخه وأثره.

ولنترك هنا محاولات التشويه، التي لم تزده إلا رسوخا وثباتا، ولنعد إلى مشروعه الملهم: مدينة الريشات. لو قدر لهذا المشروع أن يجد التمويل في حينه، لكانت ودان اليوم تحتضن صرحا علميا وسياحيا واقتصاديا ينافس المدن العالمية، ولأصبحت كلب الريشات – التي تستقطب سنويا العلماء والباحثين والسياح – أكثر إشعاعا وجذبا، حيث يجد الزائر كل ما يحتاجه من إقامة مريحة وخدمات متكاملة وبنية تحتية متطورة.

ولسنا هنا أمام خيال علمي، فهناك مدن مشابهة حول العالم نجحت في ذلك: مدينة أولو الفنلندية التي تحولت من بلدة صغيرة إلى مركز أبحاث وجامعات، فصارت نقطة جذب علمي وسياحي. وأولورو في أستراليا، صخرة طبيعية مقدسة تحولت المنطقة المحيطة بها إلى مركز سياحي وخدماتي عالمي. ومدينة أتشيري في كندا، التي أقيمت بالقرب من مواقع طبيعية نادرة، فصارت تحوي فنادق ومختبرات ومتاحف وأصبحت موردا اقتصاديا مستداما.

إن مشروع مدينة كلب الريشات لو أنجز، لكانت موريتانيا اليوم تملك وجهة عالمية فريدة تجمع بين السياحة العلمية والتنمية المحلية والحفاظ على التراث الطبيعي.

إنها ليست مجرد مدينة يراد إنشاؤها، بل هي رسالة تحد للمستحيل، ومشهد حي يثبت أن الإرادة القوية تغير الواقع، وأن القائد الحقيقي لا ينام حتى يرى مدينته وأهله في أبهى صورة.

فمن ينتقد الرجل الذي حمل لواء التغيير، ويعرف الناس أنه لا ينحت في الهواء بل يبني الحجر والحلم؟ إن الذين يشككون في فكره لن يوقفوا القدر ولا عزيمة صاحب الرؤية.

إن مشروع مدينة كلب الريشات، برؤية محمد محمود ولد أميه، هو نبراس المستقبل، وصرخة صحراء ودان إلى العالم: هنا يولد العلم، وتنمو السياحة، ويزدهر الاقتصاد، وتحيا المدينة.

وأقولها بكل ثقة: هذا الرجل، الذي صنع الإنجازات ولا يكف عن الحلم، إذا أتيحت له فرصة ثانية، فسيرسم على الرمال قصة نجاح جديدة، وسينحت من الصحراء عاصمة للعلم والكرامة والازدهار، ومشروعه ليس فقط من أولوياته، بل هو مقدمة عهد جديد لوادان وللموريتانيين جميعا.

وهكذا، لا يمكن أن يوقف نور الرؤية أحد، فكما قال تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)

محمد محمود ولد أميه، رجل الرؤية والإنجاز، سيظل نبراسا لا يخبو، ومدينة الريشات ستظل حلمه إلى أن يعود إلى المشهد السياسي من جديد ويحقق ما حلم به يوما، ليجعل من عين الصحراء مدينة تزهو بالحياة والعلم والمجد.

رجل من أهل المدينة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى