
في عالم الإعلام، لا يعلو صوت على صوت الحقيقة، ولا يخلد التاريخ إلا المنابر التي تحرس أمانة الكلمة بضمير حي، وميزان عادل. ومن هذا الباب، نحن في ودان إنفو نقدر، بكل صدق، ما يقدمه الزملاء في منصة الشمال وادان من جهد مهني واضح، وحرص على إبقاء الشأن المحلي حاضرا في دائرة الضوء، وإثراء النقاش العام بمضامين تستحق التوقف عندها.
لكن لأن الصداقة الحقيقية لا تكتمل إلا بالنصح الصريح، ولأن الشراكة في هم الكلمة تفرض الصراحة، فإننا نسجل — بوضوح لا لبس فيه — أن المنصة وقعت هذه المرة في شرك معركة شخصية لا تخدم رسالتها الإعلامية.
لقد فتح منبركم لشخص جعل من التجريح غاية، ومن التشكيك منهجا، فابتعد عن جوهر النقاش وذهب يطعن في الأشخاص بدل مناقشة الأفكار. والأغرب في المشهد أن هذا الشخص — الذي فتحت له المنصة منبرها — يبدو أنه لا يقرأ، أو لا يريد أن يقرأ، وإلا لكان اطلع على الردود الموثقة التي فندت ادعاءاته بندا بندا، وأظهرت الحقائق كاملة أمامه. لكنه اختار أن يغلق عينيه عن كل ما يخالف هواه، مفضلا ترديد مزاعمه على طريقة “قل ثم كرر حتى تصدق نفسك”، وهو أسلوب لا يصنع حقيقة، بل يفضح صاحبه أمام الرأي العام.
لم يبحث عن الحقائق، ولم يلتفت إلى الردود الموثقة التي قدمت له، بل تمسك بكذبة ابتدأها ثم صدقها، مدعيا أن مدينة الريشات وهم وخدعة.
والحقيقة — التي تعرفونها كما يعرفها كل متابع للشأن الوداني — أن المشروع كان تصميما طموحا لمدينة متكاملة قرب قلب الريشات، أعده أحد كبار المصممين المعروفين، لكن التنفيذ تعطل لغياب التمويل، لا لعدم وجود فكرة أو دراسة. وقد بقي المشروع في ذاكرة أهل ودان كحلم مشروع ينتظر من يمد له يد التنفيذ.
الأدهى أن صاحب الادعاءات استند إلى وثائق مأخوذة من أرشيف البلدية، كان يفترض أن تظل مصونة، فإذا بها تسلم لأشخاص لا علاقة لهم بالعمل البلدي، وتستخدم كسلاح في معركة شخصية، بينما مضمونها — في المفارقة المؤلمة — يبرئ المستهدف ويدين من يلوح بها.
لقد خدم العمدة السابق محمد محمود ولد أميه وفريقه مدينتهم بجد وإخلاص، وتركوا بصمات لا تمحى، أولها مبنى البلدية نفسه، الذي يسحب من داخله اليوم أرشيفه في سابقة غير مبررة. أما مشروع مدينة الريشات، فما زال حاضرا في وجدان الودانيين، ودراسته جاهزة بكل تفاصيلها وتكاليفها، تنتظر فقط من يرفع راية التنفيذ، والمؤشرات جميعها تقول إن صاحب الفكرة سيعود عبر بوابة الانتخابات المقبلة ليكمل ما بدأه.
إن المهنية الإعلامية ليست في فتح المنبر لكل قول، بل في وزن القول بميزان الدليل، والتحقق من المعلومة قبل نشرها، وحماية المنبر من الانزلاق إلى مستنقع المهاترات. كما أن تسريب الوثائق الرسمية دون إذن فعل له تبعات قانونية واضحة يتحملها من نفذ ومن تواطأ.
أما محاولات طمس إنجازات فريق العمل البلدي السابق، فلن تفلح، لأن الودانيين يعرفون جيدا من هو محمد محمود ولد أميه، ويعرفون أن العمل الصادق يبقى، وأن الزبد يذهب جفاء، وأن الحق مهما حورب، لا يموت.
وفي هذا السياق، نؤكد أن ودان إنفو ليست ناطقا باسم محمد محمود ولد أميه ولا فريقه السابق، لكنها تدافع عن رموز المدينة، أحياء وأمواتا، ممن تركوا بصماتهم في تاريخها، وكان لهم أثر مشهود في مسيرتها، وولد أميه واحد من هؤلاء الرموز. وتشويه سمعته هو في جوهره تشويه لصورة الودانيين جميعا. ولو كانت الاتهامات الموجهة إليه صحيحة لما تناولنا هذا الأمر، لكن ما يبدو أمامنا هو حملة منظمة تستهدف النيل من رمزية رجل، ومن إرث مرحلة خدمت ودان بإخلاص.
ودان تبقى لكل الودانيين، تسعى دوما إلى صورتها الأجمل، وتتمسك باحترام رموزها، فهم مراياها أمام الأجيال والتاريخ.




