ودان إنفو ترد على منصة الشمال: مشروع كلب الريشات رؤية استراتيجية لا فضيحة إعلامية

إلى الإخوة الأفاضل في منصة الشمال وادان الإخبارية، نحييكم بتحية تليق بمن جعل الكلمة أمانة، والمنبر رسالة، والإعلام جسرا يصل بين الحقيقة والجمهور. لقد أثبتم، عبر مسيرتكم، أنكم حاضرون في قلب المشهد، تتابعون نبض المجتمع، وتفتحون الملفات التي تمس حياة الناس، وتمنحون قضايا المنطقة مساحتها المستحقة من النقاش العام. إننا نكن لمنبركم احتراما كبيرا، ونراه أحد الأصوات الإعلامية البارزة في شمال البلاد، ونؤمن أن رسالتكم، إذا تمسكت بمبدأ الحياد والموضوعية، يمكن أن تكون رافعة للتنمية ودرعا للحقيقة.
وقد أوضحتم أن فتح منبركم للنقاش في قضية مشروع كلب الريشات جاء استنادا إلى وثائق ومعلومات من جهات معنية، اعتبرتم أنها تكشف عن تضارب في الروايات، مع التأكيد على أنكم لم تتلقوا رواية الطرف الآخر بعد. وهنا يتبادر السؤال الذي لا يمكن تجاوزه: كيف يحكم بوجود تضارب في الروايات قبل الاطلاع على الرواية الأخرى أصلا؟ ثم إن إعلان استعدادكم لنشرها مشروط بأن تستند إلى أدلة ملموسة لا إلى خطاب عاطفي أو اتهامات مرسلة، وهو ما نتفق معه من حيث المبدأ، غير أن الواضح أن المنصة قد سبقت النشر بانطباع مسبق مفاده أن الرواية الأخرى ضعيفة وهشة ولا تعدو أن تكون طرحا عاطفيا، وهذا ما يمس روح الإنصاف والحياد؛ إذ إن الحكم على قوة الروايات وضعفها حق للقارئ بعد الاطلاع، لا للمنبر قبل العرض، مع كامل الاحترام.
لقد استوقفنا أن يقدم مشروع ما يزال في طور التصميم وكأنه إنجاز وهمي أو مادة للتشويه، في حين أن الحقيقة أنه رؤية طموحة صاغها خبير عالمي متخصص في المشاريع العلمية والسياحية والاقتصادية الكبرى، لتكون نواة لمدينة متكاملة الأبعاد. هذا المشروع لم يغادر بعد مرحلة التصميم، وهي مرحلة طبيعية في المشاريع الكبرى قد تمتد لسنوات، تسبقها دراسات جدوى دقيقة للأثر الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يليها البحث عن التمويل والشراكات الاستثمارية. والسؤال البديهي هنا: هل أعلن فريق البلدية السابق يوما عن افتتاح المدينة أو اكتمال إنشائها؟ الجواب قطعا: لا.
إن المهنية الصحفية تقتضي، قبل إصدار الأحكام، طرح أسئلة جوهرية: ما علاقة المتحدث بالمشروع؟ هل يمتلك خبرة فنية أو صفة رسمية تؤهله لتقييمه؟ كيف حصل على الوثائق التي استند إليها؟ هل قرأها كاملة أم اكتفى باجتزاءات منها؟ فالتمحيص في تلك الوثائق يبين أنها لا تنقض رواية الطرف الآخر، بل تؤكدها في مواضع عدة. وإذا كان المتحدث خارج الإطار المؤسسي للمشروع، فإن امتلاكه وثائق داخلية يثير تساؤلات قانونية وأخلاقية حول مصدرها وطرق عرضها على الرأي العام.
كما أن الشخص الذي فتحت له المنصة منبرها للطعن في مشروع تصميم كلب الريشات لا يفقه في لغات المشاريع الكبرى، ولا يميز بين مرحلة التصميم على الورق ومرحلة التنفيذ الفعلي، وهي أبجديات في فهم طبيعة المشاريع الاستراتيجية. ولعل ذلك ما جعله يكرر عبارة “فضيحة مدينة كلب الريشات” وكأن في ذهنه أن فريق البلدية السابق أدرج المشروع ضمن إنجازاته المنجزة بالفعل، وهذا ما لم يحدث ولم يقله أي من القائمين عليه. وكان من المنتظر – من منبر إعلامي رائد بحجم منصة الشمال – أن يوضح لضيفه هذه النقطة الجوهرية، حتى لا يتحول النقاش إلى إعادة تدوير لخلط في المفاهيم، يبتعد بالقارئ عن حقيقة ما جرى وما هو قيد التخطيط.
إن مشروع كلب الريشات ليس حلما عابرا ولا رسما على الورق، بل هو رؤية استراتيجية متكاملة تهدف إلى وضع ودان على خارطة التنمية المستدامة، وجعلها مركزا إقليميا يجمع بين العلم والاقتصاد والسياحة. المشروع يتضمن بنية تحتية متقدمة، ومناطق جذب للاستثمار، وخططا لاستحداث فرص عمل واسعة للشباب، مع التركيز على قطاعات واعدة مثل السياحة العلمية والثقافية والتقنيات الحديثة. كما يسعى إلى تحسين الخدمات الصحية والتعليمية، ورفع جودة الحياة، وتقليل نزيف الهجرة إلى المدن الكبرى، فضلا عن إبراز التراث التاريخي والحضاري للمدينة عبر مرافق عصرية قادرة على استقطاب الزوار والباحثين من مختلف أنحاء العالم.
إن محاولات التقليل من شأن هذا المشروع أو تحويله إلى مادة للنقد الهدام لا تخدم إلا تعطيل التنمية وإضعاف الطموح الجمعي، في وقت تحتاج فيه ودان إلى تضافر الجهود والالتفاف حول المشاريع الكبرى. ولا شك أن بيئة الدعم والتعاون بين الإعلاميين والمسؤولين والمجتمع المحلي هي وحدها الكفيلة بتحويل التصميم إلى واقع ملموس.
إننا في ودان إنفو، إذ نضع هذه النقاط أمام القارئ، فإننا نؤكد أن هدفنا ليس الدفاع الأعمى ولا الهجوم على أحد، وإنما الدفاع عن مشروع نراه فرصة تاريخية لنهضة مدينتنا. ونؤمن أن ودان تحتاج اليوم إلى كل صوت مخلص، وإلى كل يد تبني، لا إلى الانشغال بمعارك جانبية أو إطلاق أحكام قبل استكمال الصورة. إن تاريخ هذه المدينة العريقة يشهد بأنها قادرة على النهوض كلما تضافرت الجهود، وأن الإعلام، حين يتجرد للحق، يصبح سلاحا للبناء لا للهدم. ونحن على يقين أن حوارنا مع منصة الشمال وادان، مهما اشتد النقاش فيه، سيظل حوارا بين شركاء في الهدف، مختلفين في التفاصيل، متفقين على أن الحقيقة هي البوصلة، وأن خدمة ودان هي الغاية التي لا تعلو عليها غاية.




