ابن وادان البار.. مسيرة الوليد ولد وداد 1947–2024

في إطار تسليط الضوء على رجال وادان الذين قدموا الكثير لهذه المدينة العريقة، يأتي الحديث عن الراحل لوليد ولد وداد (1947–2024) كمثال فريد على الابن البار الذي لم ينس جذوره، بل حملها عنوانا لعطائه وإخلاصه.
ولد الراحل عام 1947 في قلب وادان التاريخية بولاية آدرار، وترعرع في أسرة متواضعة تقدر العلم والعمل. قضى سنواته الأولى في المدارس النظامية بموريتانيا، قبل أن يتوجه إلى دكار بالسنغال لاستكمال دراسته الجامعية، حيث نال الدكتوراه في الطب البيطري، مشعلا فخر مدينته بتميزه الأكاديمي.
انطلقت مسيرته المهنية مع بداية الثمانينيات، منسقا لحركة التطوع التي أنشأتها اللجنة العسكرية، ثم تولى حقيبة وزير التنمية الريفية عام 1980 في حكومة سيد أحمد ولد أبنيجاره. وبعد انقلاب 12 ديسمبر 1984، اختار الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطائع لوليد مديرا لديوانه، وظل محتفظا بثقته وسره لمدة 19 سنة (1984–2003)، مع فترة قصيرة تولى فيها وزارة التهذيب الوطني عام 1996.
إلى جانب هذا الدور، خدم ولد وداد أهله كنائب منتخب عن وادان منذ بدء المسار الديمقراطي عام 1992 حتى 2013. كما أسهم في تأسيس الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي عام 1991، وتولى أمانته العامة لفترة وجيزة عام 2003.
اتصف الرجل بالفعالية والحكمة، وقدرة عالية على إدارة الملفات الشائكة وحفظ أسرار الدولة. كانت له علاقات واسعة بكل دوائر صناعة القرار، وبجميع طبقات المجتمع؛ ذلك أنه كان يتحدث العربية والفرنسية، ويبسط يده لكل محتاج دون تفرقة.
ظل ولد وداد مثالا للوفاء والصدق؛ حيث لم يرد سائلا، ولم يخذل مستنجدا، وتوقف عن أعماله الرسمية أكثر من مرة ليتابع بنفسه قضايا مرضى من أبناء وادان ويصرف من ماله الخاص لعلاجهم.
وما بين المدارس التي بناها والمراكز الصحية التي أسهم في إقامتها، وخدمات التطوير الريفي التي أشرف عليها، ترك خلفه إرثا ملموسا في يدي أهالي وادان. وقد وافته المنية في 8 ديسمبر 2024، إلا أن ذكراه باقية وعطاؤه مستمر في كل زاوية من زوايا المدينة.
منصة أنباء وادان تؤكد اليوم أن جميع الودانيين سواسية في الحقوق والواجبات، وأن من قدموا فائدة للمدينة، قديما وحديثا، يستحقون الذكر والتقدير. سنستمر في إحياء سيرتهم وتخليد إنجازاتهم، حتى تبقى قدوة هذا الجيل من أبناء وادان، وتظل قصصهم نبراسا يضيء دروب الأجيال القادمة.
نسأل الله تعالى أن يتغمد الفقيد برحمته الواسعة، ويغفر له ذنوبه، ويسكنه فسيح جناته، ويثبتنا على اقتفاء أثره في العطاء والإخلاص.
ع.م




